[1]
بيعالعقارب:
مرّت اليوم مسألة بيع العقرب في فتح القريب المجيب شرح متن الغاية والتقريب، والمعروف أنَّ مذهب الشافعية تحريم بيع العقارب؛ لعدم منفعتها، وقد صرّحوا بأنّه لا عبرة بما يُذكر من منافعها في الخواص؛ لأنها لا تعدُّ مالاً، وهذا في سائر الحشرات التي لا ينتفع بها.
وعندما كنتُ في السودان أخبرني بعض الفضلاء أنَّ تجارة العقارب مشتهرة، وأنَّ الشركات الصينية تشتري من الناس العقارب لكونها تصنع منها بعض العقاقير، وأنَّ بعض الفقهاء أفتى بجواز بيعها لهم ما دام أنَّه لم ينص على حرمة بيعها في الأحاديث.
نعم المالكية – والسودان على المذهب المالكي غالبًا – يجوّزون أكل العقرب خلافًا للمذاهب الثلاثة، ولعل هذا مستند من أفتى جواز بيعها، أنتظر الإفادة من مشايخنا المالكية.
[2]
بيع الأنموذج للمباحثة:
بيع الأنموذج نوع من أنواع البيوع وهو يكون في المتماثلات، ويسمَّى أيضًا (العيّنة)، قال الإمام النووي في روضة الطالبين (3/373): (وإن قال: بعتُك الحنطة التي في هذا البيت، وهذا الأنموذج منها، فإن لم يدخل الأنموذج في البيع،لم يصح على الأصح؛ لأن المبيع غير مرئي. وإن أدخله، صح على الأصح)اهـ.
أظنُّ – والله أعلم – أنّ شراء كرتون حليب بناءً على رؤية مواصفات علبةِ حليب مثلًا دون أن تُدخَل تلك العلبة فيه صحيحٌ، ولا يعدُّ من بيع الأنموذج الذي اشترط فيه فقهاؤنا الشاففعية رحمهم الله تعالى إدخال الأنموذج، ووجه الفرق في ظني: أنَّ ما ذكروه في الحنطة ونحوها هو مما تتغير صفاته وتتفاوت تفاوتًا ظاهرًا جودةً ورداءة، فقام رؤية البعض مقام رؤية الكل، لذا يشترط إدخال ما رُئي، أما ما في عصرنا فلا تفاوت ولا اختلاف؛ لدقة الصناعات وتطابق المصنوعات، وأيضًا فالكرتون مكتوب عليه جميع البيانات المتعلقة بالسلعة، وذلك يقوم مقام الوصف المزيل للجهالة، وقد قال فقهاء الحنفية: الكتاب كالخطاب، والله أعلم.
[3]
بيعالحلوى التي تحتوى صورةً:
قال النووي في شرح مسلم: (قال أصحابنا: وغيرهم من العلماء تصوير صورة الحيوان حرامٌ شديدُ التحريم، وهو من الكبائر؛ لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث، وسواءٌ صنعه لما يمتهن أو لغيره فصنعتُه حرام بكل حال؛ لأنَّ فيه مضاهاة لخلق الله تعالى وسواء ما كان فى ثوب أو بساط أودرهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها، وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام هذا حكم نفس التصوير.
وأما اتخاذ المصوَّر فيه صورة حيوان فإن كان معلقًا على حائط أو ثوبًا ملبوسًا أو عمامة ونحو ذلك مما لا يعد ممتهنًا فهو حرام، وإن كان في بساطٍ يداسُ ومخدةٍ ووسادةٍ ونحوها مما يمتهنُ فليس بحرام)اهـ.
وعموم قوله: (سواء صنعه لما يمتهن أو لغيره) إلخ يفيد تحريم صنع الصورة حتى على ما يمتهن، ويدخل في ذلك صناعتها على الحلوى، وقد نصّ على ذلك عميرة في حاشيته على شرح المحقق الجلال المحلي فقال: (ثم لا يخفى أنَّ من الصور ما يجعل من الحلوى بمصر على صور الحيوان، وقد عمت البلوى ببيع ذلك وهو باطل)اهـ.
لكن نقل العلامة سليمان الجمل عن البلقيني أنَّ الصور التي تتخذ من الحلوى لترويجها لا يحرم بيعها ولا فعلها.
ثم وقفتُ على قول القليوبي في حاشيته على المحقق الجلال المحلي: (لكن قال شيخنا (م ر) بصحة بيع صورة الحلاوة؛ لأنَّ المقصود منها الرواج)اهـ
![](https://dr-labeeb.com/wp-content/uploads/2019/08/بيع-الحلوى-التي-تحتوى-صورةً.jpg)
[4]
الكتابة في البيع كنايةٌ – ولو لحاضرٍ على المعتمد – إذا كانت على وجهٍ تثبت كلوحٍ ونحوه [ومنه الكتابة على أجهزة التواصل العصرية]، ويشترط القبول من المشتري حال الاطلاع، ويثبت الخيار للمكتوب إلى أن ينتهي مجلسه، ويمتد خيار الكاتب إلى انقطاع خيار المكتوب إليه.
[5]
القبض قد يكون شرطًا لحصة العقد كما في بيع الربويات ببعضها إذا اتحدت جنسًا أو علةً، وكما في السلم والهبة، وقد يكون شرطًا للزوم العقد، كما في الرهن فإنه يلزم من جهة الراهن.
والقبض يحصل في المنقولات بحيازتها، وفي غيرها كالعقارات بتخليتها وتمكين المشتري من التصرف فيها.
كما يحصل القبض بتسجيل المشتريات في الجهات المختصة وباستلام الشيكات ونحوها من الأوراق التجارية والمستندات الرسمية، كما يحصل بالقيد المحاسبي، والدفع ببطائق الائتمان، وكل هذه من صور القبض الحكمي.