أربعون مسألة في فقه الحج

[1]
الحج لغةً: القصد.
وشرعًا: قصد البيت الحرام للنسك مع الإتيان بأفعاله.
وهو من أركان الإسلام، ومن الشرائع القديمة، إلا بهذه الكيفية فهو من خصائص هذه الأمة.
وفُرض في السنة السادسة من الهجرة، وحج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة من الهجرة، وهي حجة الوداع.
وهو أفضل العبادات لاشتماله على المال والبدن إلا الصلاة فهي أفضل منه خلافًا للقاضي حسين من أئمتنا الشافعية.
والحج الصحيح المبرور الذي لم يخالطه ذنبٌ من حين إحرامه إلى تحلله يكفّـر الصغائر باتفاق العلماء، ويكفر الكبائر على الراجح، وهل يكفر التبعات وهي حقوق الآدميين ؟ خلاف:
اعتمد العلامة ابن حجر رحمه الله تعالى: عدم التكفير.
واعتمد الرملي رحمه الله تعالى: التكفير إذا مات في أثنائه أو بعده وقبل التمكن من أدائها.

[2]
الحج واجبٌ إجماعًا، بل ركن من أركان الإسلام، والعمرة واجبةٌ على الأظهر، ولا يجبان بأصل الشرع إلا مرةً في العمر، وقد يجبان أكثر من مرةٍ لعارضٍ كنذرٍ أو قضاءٍ.
ويجبان على التراخي في مذهب فقهائنا الشافعية خلافًا للمالكية والحنابلة رحم الله جميع العلماء.
والحج قد يكون:
– فرضَ عين، كحجة الإسلام.
– أوفرضَ كفايةٍ، كإحياء الكعبة كل سنةٍ من جمع يظهر بهم الشعار.
– أومندوبًا، كحج الصبيان.
– أومكروهًا، إذا شك في الضرر.
– أوحرامًا، إذا تحقق الضرر أو ظنَّه.

[3]
مسألة مهمة:
في حاشية العلامة الشبراملسي على نهاية المحتاج (3/242): (وقع السؤال عما يقع كثيرًا في مخاطبات الناس بعضهم لبعض من قولهم لمن لم يحج “يا حاج فلان” تعظيمًا له هل هو حرام أو لا؟
والجواب عنه: أنَّ الظاهر الحرمة؛ لأنه كذب، لأنَّ معنى يا حاج: يامن أتى بالنسك على الوجه المخصوص.
نعم إن أراد بـ(يا حاج فلان)المعنى اللغوي وقصد به معنى صحيحًا، كأن أراد بـ(يا حاج) يا قاصد التوجه إلى كذا كالجماعة أو غيرها فلا حرمة)اهـ.

[4]
تقدَّم أنَّ الحج من أفضل العبادات إلا أنَّه من المناسب إعادة نشر هذا المنشور الذي كُتب قبل عام:
ذكر الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية أنَّ عبدالله بن المبارك رحمه الله خرج مرة إلى الحج، فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائر معهم، فأمر بإلقائه على مزبلة، وسار أصحابه أمامه وتخلف هو وراءهم، فلما مرَّ بالمزبلة إذا جارية قد خرجت من دار قريبة منها، فأخذت ذلك الطائر الميت، فكشف عن أمرها وفحص، حتى سألها، فقالت: أنا وأختي هاهنا، ليس لنا شيء إلا هذا الإزار، وقد حلت لنا الميتة، وكان أبونا له مال عظيم، فظُلم وأُخذ ماله وقُتل. فأمر ابن المبارك بردِّ الأحمال، وقال لوكيله: كم معك من النفقة؟ فقال: ألف دينار. فقال: عُدَّ منها عشرين دينارًا تكفينا إلى مرو، وأعطها الباقي، فهذا أفضل من حجِّنا في هذا العام، ثم رجع.
ونقل ابن مفلح عن الإمام أحمد أنه سُئل عن الحج والصدقة أيهما أفضل، فقال: (يضعها في أكباد جائعة أحب إليَّ)اهـ.
قال المرداوي في حاشيته على الفروع: (الصواب: أنَّ الصدقة زمن المجاعة على المحاويج أفضل، لا سيما الجار خصوصًا صاحب العائلة، وأخصُّ من ذلك القرابة، فهذا فيما يظهر لا يُعَدُّ له الحج التطوع، بل النفس تقطع بهذا، وهذا نفع عام، وهو متعد، وهو قاصر)اهـ
والذي ينبغي إرشاد الناس إليه في زمننا هذا أنَّ الصدقة أفضل من حج النافلة، فدفع الأموال للنازحين والجرحى والفقراء والمحتاجين أفضل من إنفاقها في حج تطوع، خاصة لمن حجَّ مراتٍ.

[5]
[الحج والزواج]:
قال فقهاؤنا الشافعية رحمهم الله تعالى:
لو قدر على مؤن الحج وهو يريد الزواج، ننظر:
– إن كان محتاجًا إلى النكاح لخوف العنت – وهو الزنا – فصَرفُه إلى النكاح أهم من صرفه إلى الحج؛ لأنَّ حاجة النكاح ناجزة والحج على التراخي، بل قد يجب ذلك إن تحقق أو غلب على ظنه الوقوع في الزنا، وحينئذٍ يكون الحج واجبًا عليه إلا أنَّ له تأخيره، كما في الروضة، لكن قال الباجوري رحمه الله تعالى في حاشيته: (2/479): (ولو مات قبل الحج في هذه الحالة لم يكن عاصيًا)،
– وإن لم يخف العنت فتقديم الحج أفضل.

[6]

[7]

[8]

أضف تعليق