التهاون في الجمع بين الصلوات بسبب المطر

التهاون في الجمع بين الصلوات بسبب المطر:

يجمع بعض الناس بين الصلوات لأسبابٍ يظنها مسوغةً للجمع، وليست كذلك، فلم يقل أحدٌ من المذاهب الأربعة – بحسب علمي – بجواز الجمع بين الظهروالعصر بسبب المطر إلا فقهاؤنا الشافعية رحمهم الله تعالى.

فالحنفية لا يجوّزون الجمع إلا في عرفة ومزدلفة فقط، فلا يجوز عندهم لا بسفرٍ ولا بمطر ولا بغيرهما.

والمالكية والحنابلة: أجازوا الجمع بسبب المطر إذا كان بين المغرب والعشاء فقط.

أما فقهاؤنا الشافعية فأجازوا الجمع بين الظهر والعصر بسبب المطر، بشروط تخصه زائدة على شروط الجمع العامة، جمعها صاحب الزبد بقوله:
كما يجوز الجمعُ للمقيمِ .. لمطرٍ لكن مع التقديمِ
إن مطرتْ عند ابتداء البادية .. وختمها وفي ابتداء الثانية
لمن يصلي في جماعة إذا .. جا من بعيدٍ مسجدًا نال الأذى
وفي قوله: (لمن يصلي في جماعة) مفهمومه: أن من يصلي في بيته أو منفردًا في المسجد ليس له الجمع، واشتراط الجماعة هو في تحرم الصلاة الثانية.
وفي قوله: (جا من بعيدٍ) مفهومه: أنه لو جاء من قريب أو كان في المسجد لا يخرج منه، فلا يصح له الجمع.

وفي قوله: (نال الأذى) مفهومه: أنه لو كان المطر خفيفًا لا يبل الثوب، أو كان الطريق مسقوفًا أو كان يأتي إلى المسجد بسيارة مثلا، فلا يصح له الجمع.

ويشترط استمرار المطر بحسب ما هو موضح في البيت الثاني.
كما يشترط أن يكون الجمع جمع تقديم فقط.

وبناء على ما قرره فقهاؤنا الشافعية: فإن الطلبة الذين يجلسون في المسجد من المغرب إلى العشاء لحلقات التحفيظ لا يصح لهم الجمع بسبب المطر؛ لتخلف بعض الشروط، ومنها: عدم التأذي، علمًا أن المطر الذي ينزل يكون أحيانًا خفيفًا لا يبل الثوب.
فإن قيل: أليس فقهاء الحنابلة رحمهم الله تعالى قد جوّزوا الجمع لمن يصلي في بيته إذا نزل المطر، فهؤلاء مثلهم ؟

فالجواب: إذا رمتَ تقليد مذهب الحنابلة فلا بد أن تأخذ بجميع قولهم، فهم – أولًا – لا يصححون الجمع بين الظهر والعصر فلا تجمع بينهما بسبب المطر إذا كنتَ في بيتك أو باقٍ في المسجد، وهم – ثانيًا – يشترطون كون المطر يبُل الثياب، أي: غزيرًا، فإن كان المطر لا يبُل الثياب فلا يجوز الجمع عندهم، فلا تلفق بين المذهب فتولّد صورة لم يقل بها أحد من الفقهاء، رحمهم الله تعالى جميعًا.

أضف تعليق