تأديب العالم نفسه

قال الإمام الماوردي رحمه الله تعالى في كتابه أدب الدين والدنيا:
(مما أنذرك به من حالي أنني صنفتُ في البيوع كتابًا جمعتُ فيه ما استطعتُ من كتب الناس، وأجهدتُ فيه نفسي وكددتُ فيه خاطري، حتى إذا تهذب واستكمل وكدتُ أعجب به وتصورتُ أنني أشد الناس اضطلاعا بعلمه، حضرني، وأنا في مجلسي أعرابيان فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل لم أعرف لواحدة منهن جوابًا، فأطرقت مفكرًا، وبحالي وحالهما معتبرًا فقالا: ما عندك فيما سألناك جواب، وأنت زعيم هذه الجماعة؟ فقلت: لا. فقالا: واهًا لك، وانصرفا.

ثم أتيا من يتقدمه في العلم كثير من أصحابي فسألاه فأجابهما مسرعًا بما أقنعهما وانصرفا عنه راضيين بجوابه حامدين لعلمه، فبقيت مرتبكًا، وبحالهما وحالي معتبرًا وإني لعلى ما كنت عليه من المسائل إلى وقتي، فكان ذلك زاجرَ نصيحةٍ ونذيرَ عظةٍ تذلل بها قياد النفس، وانخفض لها جناح العجب، توفيقا منحته ورشدا أوتيته)اهـ.

أضف تعليق